في تطور خطير وغير مسبوق في تاريخ المواجهات الإقليمية، شنت إسرائيل فجر يوم امس الجمعة سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع حساسة داخل الأراضي الإيرانية، شملت منشآت نووية ومقار عسكرية وشخصيات بارزة في الحرس الثوري، ما وصفه مراقبون بأنه "حرب خاطفة ومركزة" هي الأعنف منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988.
وبحسب مدير مكتب الجزيرة في طهران عبد القادر فايز، فإن ما حدث يتجاوز مفهوم "الضربة المحدودة"، ويقترب من توصيف "حرب قصيرة الأمد" استهدفت ثلاث مستويات أساسية في بنية القوة الإيرانية: البرنامج النووي، الكوادر العلمية النووية، وقيادات من الصف الأول في الحرس الثوري.
من أبرز الأهداف التي طالتها الغارات كانت منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في مدينة أصفهان، والتي تُعد من الركائز الرئيسية في المشروع النووي الإيراني. كما تم استهداف عدد من العلماء النوويين، في محاولة واضحة لتقويض قدرات إيران العلمية والتقنية في المجال النووي.
الضربة الأخطر، بحسب المصادر الإيرانية، كانت استهداف قيادات عليا في الحرس الثوري، من بينها اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان الإيرانية، وسط تضارب في الأنباء حول مصيره. كما ترددت معلومات عن إصابة أو مقتل اللواء غلام علي رشيد، قائد مقر "خاتم الأنبياء"، إلى جانب تقارير عن حالة حرجة لعلي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى وأمين مجلس الأمن القومي السابق.
في أول رد رسمي، قال المرشد الأعلى علي خامنئي إن "على إسرائيل أن تنتظر ردًا قاسيًا"، في تهديد مباشر وغير مألوف بنبرة حادة. ويترقب العالم الآن طبيعة هذا الرد، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت إيران ستذهب نحو رد استراتيجي واسع النطاق، أم ستتبع نهج الردود التدريجية المعتادة.
من جانبه، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخطاب متلفز أكد فيه أن الهجوم "كان ضرورة دفاعية لمنع إيران من حيازة سلاح نووي"، متهمًا النظام الإيراني بمحاولة ابتزاز العالم والتهرب من التزامات نزع التخصيب النووي. وقال:
"نحن لا نحارب الشعب الإيراني، بل نظامه الديكتاتوري"،
مشددًا على أن إسرائيل "لن تسمح بأن يمتلك هذا النظام أسلحة دمار شامل تهدد أمن إسرائيل والمنطقة".
وأضاف نتنياهو أن إسرائيل تحركت "لحماية نفسها والدول العربية المعتدلة" في مواجهة ما وصفه بـ"الخطر الإيراني الأكبر"، معتبرًا أن بلاده قامت بـ"ضربة استباقية" كانت ضرورية لمنع "خطر الإبادة".
الرد الإيراني بات مسألة وقت، والشرق الأوسط على حافة تصعيد خطير قد يشعل فتيل مواجهة واسعة النطاق، في وقت يواصل فيه المجتمع الدولي دعواته للتهدئة وضبط النفس. وبينما تلوّح طهران بالانتقام، تستنفر تل أبيب دفاعاتها الجوية وتضع قواتها في أعلى درجات التأهب.
التطورات متسارعة، والمشهد مفتوح على كل الاحتمالات.
التعليقات (0)